Show simple item record

Authorالخطاف, حسن أحمد
Available date2023-06-14T08:40:26Z
Publication Date2022
ISBN978-605-73832-3-5
URIhttp://hdl.handle.net/10576/44457
Abstractالحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتمُّ التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فإنَّ الحديث عن التأريخ الكلامي بمدارسه المتعددة يكتسي أهمَّية خاصة، ومن ذلك أنَّه يُبيِّن لنا أنَّ الأفكار لم تلد دفعةً واحدةً بعيدةً عن سياقها الفكري والسياسي والاجتماعي كما تُصَوِّرها الكثير من كتب الكلام، فللواقع أثره في بروز الكثير من الأفكار وخاصةً تلك التي يحسبها المرء نشازًا وكأنَّها ولدت من غير مبررات. الفكر يأتي- بقطع النّظر عن صلاحه- استجابةً لواقع يعيشه الإنسان، فقد يكون دفاعًا عن شيء عزيز يمتلكه، أو رغبة في الحصول على شيء يريد الوصول إليه... وهكذا تتعدد الأفكار بتعدد المصالح، فالنفاق العَقَدي الذي ذمَّه الله تعالى في القرآن الكريم مرارًا كقوله تعالى {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)} [النساء: 142، 143] جاء نتيجة أهواءٍ ومصالح، ومثل ذلك النفاق العملي الذي يقوم به الإنسان كإخلافه الوعد، وكَذِبه في الحديث، وقُلْ مثل هذا عن حالات بعض الزُّهاد الذين دفعهم انكباب الناس نحو الدنيا فقابلوا ذلك بِزهدٍ أدَّى بهم إلى الانقطاع عن الدنيا ومخالفة مقاصد الشرع، وتجد نماذج من ذلك في كتاب "صيد الخاطر" لابن الجوزي[ت: 579]. لم يكن الفكر الكلامي بعيدا عن المؤثرات الفكرية والسياسية والاجتماعية، وخاصّة وجود نقْلة من الحياة التي كان يعيشها الصحابة رضوان الله عليهم إلى مستوى أرحب وأوسع، حيث فُتحت الدنيا أبوابها للمسلمين شرقًا وغربًا بما فيها من خيراتٍ وملذاتٍ وأفكارٍ وأهواءٍ... فهناك دُول زالت وكان لها الرئاسة والسيادة كفارس والروم وبقي البعض من أبناء هؤلاء يحلمون بعودة ملكهم، وهناك أشخاص اعتلوا الحُكم وصارت الخلافة فيهم، ونظروا إليها وكأنهم ورثوها كابرًا عن كابرٍ ... فمن البدهي والحال هذه أن تتعدد الآراء، وتتكاثر الأفكار، وتتنازع المصالح، إلا أنّ السِّمة العامة للمجتمع الإسلامي بنوازعه الفكرية والسياسية والاجتماعية هو السعي إلى تحكيم شرع الله وإعلاء شأنه والتأكيد على أهمية القيم وترسيخها. ومن الخطأ أنْ نتصوَّر كل ما حصل من ظهورٍ لهذه الأفكار أنه راجعٌ إلى سوء نيةٍ وخُبث طويةٍ، وأنَّ هذا الظهور كان يقصد الانقلابَ على الدِّين الإسلامي وطمس معالمه، فالكثير من هذه الأفكار يرجع إلى الحرص على الدِّين الإسلامي بما فيه من عقيدة وأحكام تكليفية، وخاصَّةً أنَّ الآيات القرآنية والأحاديث النبوية رفعت من شأن العلم والعلماء ودعت إلى الجدال بالحسنى، وقد لاينضبط بعضهم بقواعد آداب البحث والمناظرة، فيدفعه حرصه على الدِّين والتخوُّف عليه إلى القدح في الآخرين والنيل منهم، ومن هذا القبيل شدّة الألفاظ بين بعض المحدثين والمتكلمين، وبين بعض المحدثين وبعض الفقهاء، وبين بعض أهل السُّنة وبعض المعتزلة، بل بين بعض أهل السُّنة أنفسهم. ويمكن القول إنَّ المتكلمين – من حيث العموم بشتى مدارسهم- استطاعوا التصِّدي للتحدِّيات التي كانت تواجه عصرهم، والتي انطلقت من أصحاب العقائد المختلفة، لكنَّهم مع الأسف ما استطاعوا الانسجام فيما بينهم، ولاشكَّلوا منهجًا للوفاق، فما أكثر ما تجد علماء كبار صنَّفوا ضدَّ بعضهم أكثر مما صنفوه ضدَّ الملل المنحرفة. ومن المهم الانتباه إلى أنَّ السلطة السياسية قد تقف وراء بعض الخلاف الذي حصل بين المتكلمين، وقصة مناصرة السلطة للمعتزلة خير شاهدٍ على ذلك، ومن هنا ينبغي الاحتياط من السُّلطة فما أكثر ما تتظاهر بالدِّفاع عن الدِّين وتخفي مصالح سياسية وراء ذلك؛ إذ بعض من يتولى السلطة في كثيرٍ من الأزمان يسعى إلى البقاء في منصبه طالما أنه حيٌ، وتدفعه هذه الرغبة إلى التَّحايل على الدِّين وتسخير ما فيه من نصوصٍ قابلةٍ للاحتمال، أو تسخير بعض ممن ينتسبون للدِّين ولايفقهون مكائد السلطة ومراميها للطَّعن بكل من يخالف توجُّهات السلطة، وهذا ما حصل عند بعض رجال بني أمية في وقوفهم ضد القدرية، وهذا لايطعن بالدَّولة الأموية من حيث العموم، فقد نشرت الإسلام ودافعت عنه وحملت رايته. من هذا المنطلق يقتضي الأمر التيقُّظ والانتباه من قِبَل الدعاة والعلماء من كيد بعض الساسة، وتوجيههم الآخرين خدمةً لمصالحهم وليس من باب الحبِّ لهم أو لعلمهم، وقد انتشر هذا الأمر في العصور الأخيرة ولاسيما في عصرنا حيث رأينا بعض الحكام يمدح بعض التوجهات الفكرية أو الجماعات ليس حُبّا فيها، بل لأنه يشعر أنَّ بعض فكرها يصبُّ في مصلحة بقائه في الحكم. سيجد القارئ الفاضل في هذه الدراسة التأثير الفكري والسياسي والاجتماعي مساهمًا في تكوين القدرية والجهمية والمعتزلة والأشعرية، ومن الواضح أنَّ هذا التكوين لايعني بناء هذه الأفكار بعيدًا عن النصوص الشرعية، فليس هذا مقصودًا من الدِّراسة، بل المقصود مدى تأثير هذه العوامل في نشْأت هؤلاء، ومن الواضح أنَّ هذه التأثيرات قد تكون بيِّنة، ولكن قد يظهر للقاريء أحيانًا عدم وضوح هذه التأثيرات كالحديث عن أحاديث الافتراق. وعدم الوضوح يتبدى من نظرةٍ عاجلةٍ، فإدخال عبد القاهر البغدادي رحمه الله ( ت:429هـ) المعتزلةَ في حديث افتراق الأمة هو أثر لوجود المعتزلة وللخلاف الفكري معهم، وعندنا نقول بوجود تأثيرٍ فكريٍ وسياسيٍ واجتماعيٍ في نشوء هذه المذاهب فمؤدَّى هذا أنَّ العلوم الإسلامية - ومنها علم الكلام- الذي تمثله هذه المدارس مرتبطة بالواقع، ومن الخطأ أن يُظنَّ أن العلوم الإسلامية لاعلاقة لها بالواقع، فالوحي ماجاء إلا لإصلاح الواقع النظري والعملي، وصدق الله العظيم القائل {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)} [الجمعة: 2]، ومن البدهي والحال هذه أنْ ندرك قيام هذه العلوم على فهم الواقع وسعييها إلى تطبيق مراد الله تعالى ومراد نبيه صلى الله عليه وسلم، والواقع هو حالةٌ يعيشها الناس بأفكارهم وهمومهم واقتصادرهم وتربيتهم وسياستهم... وإذا كان الواقع كذلك كان من البدهي ارتباط العلوم الإسلامية بالواقع تأثيرًا وتأثُّرًا. ومما يُلحظ في هذه الدراسة أنها لم تقتصر على بيان التأثير الفكري والسياسي والاجتماعي فقط بل سعت - إتمامًا للفائدة- إلى تبيان الفكرة وتوضيحها حتى تتجلى للقارئ وحتى لايضطر للرجوع إلى مصادر أخرى.
Languagear
Publisherشرفات للنشر والدراسات
Subjectالمؤثرات الفكرية
المؤثرات السياسية
القدرية
الجهمية
المعتزلة
الأشعرية
Titleالمؤثرات الفكرية والسياسية والاجتماعية المساهمة في تكوين القدرية والجهمية والمعتزلة والأشعرية
TypeBook
Pagination1-130


Files in this item

Thumbnail

This item appears in the following Collection(s)

Show simple item record